المشاركات : 2534العمر : 34الموقع : بيت لحمالجنس : نقاط التميز : 12الاوسمة : رقم العضوية : 100تاريخ التسجيل : 29/11/2008
موضوع: صناعة الذات الإثنين ديسمبر 15, 2008 7:07 pm
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .. أيها الإخوة الفضلاء .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أيها الإخوة الأكارم ، إن الله سبحانه وتعالى حينما خلق هذا الإنسان ، خلق فيه النفس والجسد والروح .. وما كان للنفس أن تستقر حقيقة الاستقرار إن لم تطمئن الروح .. وما كان لنفس أن تستقر أيضاً حقيقة الاستقرار إذا كان البدن مُعنّىً بأشياء يمكن علاجها ولم يستطع أن يتعامل معها ذلك الإنسان ..
وعليه أضع بين أياديكم الكريمة هذه السلسة العظمية جمعتها من كل بحر قطره واستخلصت منها ما يفيد ويتناسب مع شريعتنا السمحاء .
فبسم الله نبدأ
الحلقة الأولي ................... 1 صناعة الذات قبل إدارة الذات
نقلة بعيدة... إدارة الذات
كان يعيش كغيره من الشباب، يدور في دوامة الحياة، يحلم بدخل جيد، وزوجة حسناء، ومسكن مريح، ووظيفة مرموقة، همومه أرضية، أحلامه دنيوية، وطموحاته وأحلامه لا تدور إلا في فلك أهوائه وشهواته، وبينما هو سائد في درب الغفلة إذا برحمة الله تدركه، وتقيد له يدًا حانية قوية تغط قلبه غطه العزم، وتهز أركانه هزة الإيمان، فيستيقظ من بعد سبات، ويدرك ذاته من بعد شتات، ويعرف أنه صاحب منهج وحامل رسالة، ويروح يردد مع ربعي: 'الله ابتعثتنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة'.
لمن هذه المواعظ؟ ذلكم هو نبأ فتى الإسلام الذي تمرد على تربية العبيد، وأبي إلا أن يعيش شبلاً حفيد أسود، يقفوا أثر أجداده الليوث من مثل حمزة وخالد، وسعد والقعقاع وقطز وصلاح، يتسلم منهم لواء الدعوة، ويبدأ أولى الخطوات في طريقه: الحاملين جراح أمتهــم ... والكاظمين الغيظ في الصدر تذروا النفوس لربهم ومضــوا ... يسعــون للإبرار بالنذر خاضوا غمار الحرب لم يهنوا ... وعلى النحور دماؤهم تجري حملوا لواء الحق وانطلقـوا ... والنور في قسماتهم يســـري فإلى هذا الهمام أتوجه بتلك المواعظ في بناء النفس وإدارة الذات، أدعو فيها فتى الإسلام أن يجلس مع كل موعظة ساعة يراجع فيها علمه وعمله وهمته، راجيًا من الله أن يجعل في تلك القطوف والشذرات عونًا للداعية الناشئ على صياغة شخصيته صياغة قيادية إدارية فعالة ليحوز قصب السبق في صراعه مع الباطل ممسكًا بزمام الأمور، مستعليًا فوق التيار، ليعيد صياغة هذه الحياة وفق نور الوحي ولآلئ الشريعة {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة:143].
هذه بضاعتنا ردت إلينا: ولقد اعتمدت في كتابة تلك المواعظ على كثير مما أنتجته قرائح البشر من فنون علم النفس والإدارة والاجتماع بعد وزنه بميزان الوحيين، وإعادة صياغته صياغة إسلامية دعوية تتناسب وواقع شباب الصحوة وناشئة الدعاة، ولسوف ترى أيها الهمام أنه ما من صواب أنتجته العلوم الاجتماعية الحديثة مما يقره صريح العقل ويتماشى مع سنن الله في الحياة، إلا ويمكن أن تقف بإزائه مرددًا في ثقة تامة وفخر {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} [يوسف:65]، فكل ما وصلت إليه الحضارة الغربية من هذا الصواب إنما هو صدى الفطرة السليمة التي جاء الإسلام ليعلي من شأنها {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم:30] وما تخلف المسلمون عن ركب المعالي إلا من بعد ما أداروا لنور الوحي الظهور، وإنما مثلنا ومثل رواد الحضارة الغربية كمثل من قال: 'الناس رجلان، رجل نام في النور ورجل استيقظ في الظلام'. فنحن معنا نور الوحي ولكننا ضللنا الطريق من بعد ما أعرضنا عنه فأعرض الله عنا، وغرقنا في بحار السلبية والتخلف، وهم ينغمسون في ظلام الكفر والضلال، ولكنهم استيقظوا وعملوا فنالوا بقدر دأبهم وصبرهم، وما ربك بظلام للعبيد.
بداية المسير:لذلك أيها الهمام دعنا نبدأ معًا في هذه الرحلة الشيقة على درب إدارة الذات وزيادة الفاعلية، ممتطية صهوة جواد {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11]. ولنبدأ موعظتنا الأولى بهذا التساؤل المنطقي:
ما المقصود بإدارة الذات؟ بجيبك عن ذلك الخبراء فيقولون: إدارة الذات هي: قدرة الفرد على توجيه مشاعره وأفكاره وإمكانياته نحو الأهداف التي يصبو إلى تحقيقها، فالذات إذن هي ما يملكه الشخص من مشاعر وأفكار وإمكانات وقدرات، وإداراتها تعني استغلال ذلك كله الاستغلال الأمثل في تحقيق الأهداف والآمال، وهذه القدرات فيها ما هو موجود فيك بالفعل، ومنها ما تحتاج أن تكتسبه بالممارسة والمران لفنون الكفاءة والفاعلية والتي منها: ـ كيف تحدد أهدافك؟ ـ كيف تنظم وقتك؟ ـ كيف تسيطر على ذاتك؟ ـ كيف تكتسب الثقة بنفسك؟ ـ كيف نقتن فن التركيز؟ ـ كيف تفكر بطريقة صحيحة؟ ـ كيف تتخذ قراراك؟ ـ كيف تقوي ذاكرتك؟ ـ كيف تحافظ على صحتك؟ ـ كيف تكسب الآخرين وتقيم معهم علاقات ناجحة؟ ـ كيف تفهم الشخصيات؟ ـ كيف تدير عملك؟ ـ كيف تدير اجتماعاتك؟ ـ كيف تتعامل مع المشكلات؟ ـ كيف ترفع إنتاجيتك؟ ـ كيف تتقن فن التفاوض؟ ـ كيف تخطط لعملك؟ ـ كيف تطور عملك وتضع له رؤية مستقبلية؟ وغير ذلك من فنون إدارة الذات مما سنلتقي معه ـ إن شاء الله ـ على تلك الصفحات.
صناعة الذات قبل إدارة الذات: وها هنا تبرز مشكلة ضخمة عند كثير ممن بدئوا مراراً في السير على درب إدارة الذات، وكلما حاولوا ممارسة بعض فنونها عادوا القهقرى بعد أن لم يظفروا بنتيجة ملموسة مع نفوسهم، إنه من السهل جدًا ـ على سبيل المثال ـ أن أقول لك: إذا أردت أن تنظم يومك فعليك في كل صباح أن تدون أعمالك ومهماتك في ورقة، ثم توزع أوقات يومك على تلك الواجبات، وكلما أنجزت عملاً منها فقم بإسقاطه من تلك الورقة .. إلخ. وكلنا حاولنا هذا من قبل وفشلنا في الاستمرار عليه بل تحقيقه لمرة واحدة فقط وقس على ذلك في سائر فنون الفاعلية وإدارة الذات. ـ إن تحليل هذه الظاهرة لهو من الأهمية بمكان، إذ عليه تتوقف بداية الانطلاقة السليمة في سبيل الحصول على الشخصية الإدارية الفعالة، وفي تقديري أن ذلك يرجع أساسًا إلى معوقات وسلبيات متأصلة في نفوسنا، أفرزتها تربية مجتمعاتنا بعدما كشفت عنها شمس الإسلام، وإلا فلو ترك الإنسان لينمو ويترعرع على فطرته لغدا شخصية سوية فعاله، قادرًا على إدارة ذاته وتحقيق أهدافه، ولعل هذا بعض ما نستنتجه من إشارة نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 'كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه'.
ويؤيد علماء النفس ذلك فيقولون: إن كل إنسان يولد وفي تكوينه بذور النبوغ والعبقرية، والكفاءة والفاعلية، ويتوقف نمو هذه البذور أو موتها على نوع التربية والرعاية التي يتلقاها الإنسان من أسرته وبيئته ومجتمعه. ـ ونلخص مما سبق أن حل هذه المشكلة يكمن أولاً في أن نعيد تلك النفوس إلى فطرتها ونزيح عنها ركام سنين من الصياغة السلبية التي تملأ طريقها نحو الإنجاز والفاعلية بالعوائق والعراقيل، وإلا فكيف نتقن فنون إدارة الذات ونحن أصلاً نفتقر إلى تلك الذات السوية، القادرة على تشرب تلك الفنون، ولهذا فلا بد أولاً من أن نرفع هذا الشعار: 'صياغة الذات قبل إدارة الذات'.
سبع خضر وأخر يابسات: ولقد توصل أهل الاختصاص إلى عادات سبع تمثل المبادئ الأساسية للنجاح والفاعلية، إذا استطاع الفرد أن يكتسبها فإنه يخلع بإزائها من نفسه سبع عادات سلبية تمثل في مجموعها المعوقات الأساسية التي تعيق سيره في طريق الحصول على الشخصية الفعالة القادرة على إدارة ذاتها وتحقيق أهدافها.
منظومة النجاح والفاعلية
1. كن إيجابيًا وخذ بزمام المبادرة 2. ابدأ وأهدافك واضحة لك 3. رتب أولوياتك وقدم الأهم فالمهم 4. فكر في المنفعة المشتركة لجميع الأطراف 5. حاول أن تفهم الآخرين قبل أن تتحدث إليهم 6. اعمل للمجموع وتعاون مع الآخرين 7. جدد قدراتك باستمرار
منظومة الفشل والسلبية
1. كن سلبيًا متواكلاً عديم الشعور بالمسئولية 2. قم بأعمال كثيرة لا تدري لها هدفًا 3. كن فوضويًا واعمل ما تشاء وقتما يحلو لك 4. كن أنانيًا يهمه أن يكسب ولو خسر الآخرون 5. لا يهم أن تفهمهم بل المهم أن يسمعوك 6. اعمل لنفسك لا مع الآخرين 7. ارضَ بواقعك ولا تحاول أبدًا أن ترتقي بنفسك
فتأمل ... يرعاك الله وإلى أن ألقاكم مع أولى الخطوات فلنجعل آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
MAX1 essa // المدير العام
المشاركات : 58191العمر : 34الموقع : بيت لحمالجنس : نقاط التميز : 20الاوسمة : رقم العضوية : 1تاريخ التسجيل : 08/11/2008
موضوع: رد: صناعة الذات الإثنين ديسمبر 15, 2008 10:45 pm
موضوع في غاية الروعة
مشكوووور اخي ابو فلسطين على المجهود الرائع والمميز الله يكثر خيرك
بــــــــــــــــــــارك الله فيك
تحياتي
ابو فلسطين مشرف القسم الاسلامي
المشاركات : 2534العمر : 34الموقع : بيت لحمالجنس : نقاط التميز : 12الاوسمة : رقم العضوية : 100تاريخ التسجيل : 29/11/2008
موضوع: رد: صناعة الذات السبت يناير 03, 2009 11:41 am