الفصل الاول مقدمة عن قصة ادم

الفصل الاول
مقدمة عن قصة ادم

هذه الدراسة ليست نزهة فكرية عابرة، وإنما هي نظرة تدبر استجابة لأمر الله جل وعلا إذ يقول في سورة النساء: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)) ويقول في سورة محمد (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24))، وكلمة يتدبرون مشتقة من كلمة دبر، والتي من معانيها عكس قُبُل، وأيضا التتبع والتحرك من مبتدئه حتى منتهاه.
الناظر إلى العاملين في ميدان التربية والتعليم يرى ما يدمي القلب، كيفما أدار وجهه، وكيفما نظر للأمر، فمن نظام تربوي مؤسس على نظريات غربية يعتريها الفساد، إلى تطبيقات تعيق التفكير وتجرد الإنسان من خصائصه، إلى مشاكل لا أول لها ولا آخر، ليتغنى الجميع في احتفالاتهم مطالبين قبضة من احترام يرددون قول فاسد (قم للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا) ناسين أو متناسين أو غافلين عن نهج المعلم الأول محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه رب العزة في سورة القلم (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)).
والسؤال الذي نسأله هل يعجز هذا الدين (قرآنا ونبيا) أن يقدم لنا نظاما تربويا يثلج الصدور، ويقدم الحلول، ويزيل الغمة؟ والجواب إيجابا هو أكيد، ولكن ما بال امة علمائها وأفذاذها قد أحجموا عن إنجاز هذه المسألة، واندفعوا يتحدثون بإسهاب لا طائل منه، وبنظريات لا إثبات عليها حول علوم النفس والاجتماع، والتربية وغيرها، مستمدين كل ذلك من هرطقة غربية ارتدت عن نصرانيتها القمعية فكان رائدهم داروين وميكافيلي وغيرهم.
أين قرآننا العظيم من كل ذلك؟ وهو القائل في سورة لقمان (مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28))، وأين نبينا العظيم من كل ذلك حيث يقول في الحديث الشريف (سنن ابن ماجة- المقدمة – حديث رقم 5 (عن أبي الدرداء قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر الفقر ونتخوفه فقال: ألفقر تخافون، والذي نفسي بيده لتُصَبَّن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاغة إلا هيه، وايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء). وأين نحن من كل ذلك إذ يقول رب العزة في سورة النساء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59))، كل هذا الكنز بين أيدينا ونذهب إلى حلول عند أشخاص قد يصيبوا فيما نحتاج، لترى آلاف الكتب، وآلاف الخريجين من الجامعات يحملون مؤهلات في علم النفس وعلم الاجتماع، فكيف لهذا العلم وهذا الكم من العلماء يعجزون عن تقديم الحلول للأمة، بل نراهم يزيدون شقة المشكلة.
وكم من مؤتمرات تسمى تربوية، وكم من أبحاث تسمى تربوية، تصف المشكلات، وتقدم الحلول، ولكنها تأتي في العام القادم فتجد ما قدمته مثل سراب، لتعيد تقديم حلول أخرى وكأن الأمة ميدان تجربة، وأي تجربة هذه التي تحتاج إلى عشرات السنين لإثباتها، وكم سننتظر؟؟؟
هذه محاولة أسأل الله أن تكون بداية، وحيث دعوتُ الله ذات ليلة أن يهبني علما لم يهبه لأحد من قبلي، فقد دعوته أن ييسر لي نشر هذا العلم الذي أحتسبه لوجه الكريم.